قال سيدي محمد نيازي الخلوتي:
أنعم بذلك الكنز المخفي، أصل كل موجود إذ تبدى ظاهراً
في حينٍ يظهر في صورة الظلمة، وفي حينٍ يلوح بصورة الأنوار ظاهراً
أنعم ببحر الوحدة الذي لا تنقطع أمواجه سرمداً
فينبثق منه عالم الكثرة، ولا محالة يبدو ظاهراً
أليس هذا أعجب من السحر؟ فمن وجه ترى الأغيار
ومن وجه آخر ما ثمة غير، بل يأتي معشوق القلوب، وحده، ويبدو ظاهراً
ولذلك ترى الأعيان تدور حول شمع الجمال
والأفلاك أيضاً تراه فتدور، فتبدو أدوار الزمان ظاهرة
في كل آن ومع كل نفس ترحل مائة ألف روح من إقليم العدم
ومائة ألف أخرى يعمر بها الوجود ظاهرا
تظهر وتبطن خيالات، وتبرز من الكمون ظهورات
وواحدة فواحدة تأتي في كل آنٍ تحفة ظاهرة
وبهذه الدورة يبعث الأنبياء والمرسلون لكل حسب درجته
فيظهر في مكان بصورة المؤمنين، وفي آخر يأتي بصورة الكفار ظاهراً
وبينما يتجلى (المطلق) في منزل السر الأخفى
يظهر، في عالم الصورة هذا، سوق لا ينقطع فيه الأخذ والعطاء
ما ثمة غاية لصنع ذلك المتجلي، ولا نهاية لذاته أبداً
فمن كل اسم من أسمائه يأتي فعل جديد ظاهراً
ودائماً يتجلى، في جلال آناً وآناً آخر في الجمال
والحاصل من أحدهما بروز الجنة، ومن الآخر تأتي جهنم ظاهرة
وإذا ظهر في محلٍّ بالجمال سرعان ما يتلوه الجلال
فحين تتفتح وردة، لا محالة تنمو قربها الأشواك وتظهر
ولهذا السبب، حين يشرق ظهور إنسان كامل في هذا العالم
تجد البعض يقرونه في آن، وبعضاً آخر يظهر عليهم الإنكار
ولكن العارف دائماً يرى جماله في جلاله
وفي منزل الأشواك هذا (عالم الدنيا) تتفتح حديقة ورد ظاهرة
وإلا، فلأي سر ينظر شخصان إلى هذه الأكوان
فيرى أحدهما الدار فقط، ويرى الآخر الديار ظاهراً له؟
فباطناً هو محيط الوحدة، ولكن من وجه الظاهر هو صحراء الكثرة
فمن رأى الوجه الظاهر، رأى الأغيار، ولكن الناظر إلى الباطن يرى المعشوق له ظاهراً
ومن تحقق بلذة الوحدة، تخلص من الثنوية
وأينما نظر نيازي، بدى له ثمة وجه المعشوق ظاهراً
فيرى كيف تبرز الأشياء من هذا الكنز المخفي
ويعرف أن أسراراً عديدة في كل نقش وصورة ظاهرة