قصيدتا غزل - الشيخ فخر الدين العراقي

قال الشيخ فخر الدين العراقي: 
كل من تفرّد على هذا الطريق                 ظهر كنز المعنى في قلبه
ولم يرَ غير جماله في العالم                   وكل ما يراه على هذا الطريق، يراه هو
فحتى إن توهمت قطرة أنها خارج البحر   فما إن توجه وجهها نحو البحر، إذ بها عين البحر
وإذا ما محوت صفاتك مرة واحدة           تصير فرداً في مقامات البقاء
وكلُّ من وطَّن قلبه في عدمه                 يمسي ولا نظير له في حريم الوجود
وكل من أراد نصيباً من المسمى            عليه أن يكون فارغاً ومستريحاً من الأسماء
وكل من فقد صورة وجوده                  صارت صورته، جملةً، المعنى بعينه
ومن ابتلعه فم تمساح نفي "لا"             حصل على الحياة السرمدية في إثبات "إلا"
وإذا خرجت من منزل الجزئية             فاعلم يقيناً أن منزلك سيكون "أو أدنى"
فبعد أن خرجنا من الروح صارت حياتنا بروح الروح، فهل هناك، وإلى الأبد، من هو مثلنا؟ 
فكل من انطوى قلبه على سر العشق         كيف لقلبه أن يعود ليميل إلى صحراء الغير؟ 
وكذلك فإن العراقي سيبلغ العلى، بعد أن فقد عقله ودينه، إذا ما ظل محواً في هذا النفي والإثبات! 

وقال
في الملك اللايزالي رأيت أنني عين ما أرى                  فصرت عني مبرأً، وبذلك وصلت إلي
في خلوتي معي كنت هناك مع الحبيب                        فتحدثت بلا لسان، وسمعت من غير أُذُن
وطلعت شمس الوحدة من مشرق وجودي                    وكنت فيها ذرةً لا ظهور لها
وعلى كلٍّ، فالباب المغلق سرمداً قد فُتح                      بعد أن أعطاني سر الأزل بلطفه المفتاح، وكنت أنا ذلك المفتاح
وحين صرت محواً خرجت عن صحبتي لنفسي            يا عراقي! وطرت من دون جناح وريش إلى عش الوحدة