قال الشيخ شهاب الدين الخيمي المتوفى سنة 685 هجرية :
كلفتُ ببدرٍ في مبادي الدجا بدا فعاد لنا ضوء الصباح كما بدا
وحجّب عنا حسنَه نورُ حسنِهِ فمن ذلك الحسنُ الضلالةُ والهدى
وما هو بالمحجوب عن ذي صبابة إذا لم يكن طرف الصبابة أرمدا
ولا تك إلا بالجمالِ مقيداً ولكنه ليس الجمالَ المقيدا
فما الندب إلا واجب القلب حاضر الغرام مباح النفس لا يكره الردى
ومن لم يزل في الحب نعت ضميره بظاهر وصف الحال منه مؤكدا
ويروي حديث الوجد عن سر قلبه بمتّصلِ من مرسل الدمع مسندا
فيا عاذلي دعني ونار صبابتي عليه فإني قد وجدت بها هدى
وهاك يدي إني على ترك حبه مدى الدهر لا أعطيك يا عاذلي يدا
فما العيش إلا أن أبيت مواصلاً لبدري أو في حب بدري مسهّدا
وأن تباريح الهوى أستلذها ويقبح عندي فيه أن أتجلدا
فيا نارَ قلبي حبّذا أنت مصطلىً ويا دمعَ عيني حبّذا أنت موردا
ويا سقمي في الحب أهلاً ومرحباً ويا صحة السلوان شأنك والعدى
فلست أُرى عن ملّة الحب مائلاً وكيف ونور العامرية قد هدا
بدا بفنونٍ لا تُحدُّ جمالها وما ينتهي التعداد فيها إلى مدى
ويوعدني منها كمال جمالها على مدد الأناس أن يتجددا
فما زلت مشتاقاً مع الوصل كلما وفا موعد للوصل وافيت موعدا
يرى حسنَها قلبي فإن رام وصفه لساني -ولو أني لبيدٌ- تبلدا
ولي حيثما وليت وجهي عبادةٌ برؤيتها حتى غدا الحان معبدا
وجلت لي غداة الجزع قداً مهفهفاً وجيداً غزالياً وخداً موردا
وطرفاً بث الوجدَ في الناس لحظه فنوناً وكلٌّ منه في السكر عربدا
تبوّأ طرفي حانة من لحاظها كما اتخذ الحان المحلق مسجدا
فكم حزت فيها للخلاعة بيعة وكم زرت فيها للملاحة مشهدا