اللطيفة الإنسانية العارفة بالله مقصود الحق من الخلق - الشيخ علاء الدولة السمناني

قال الشيخ علاء الدولة السمناني الكبروي المتوفى سنة 736 هجرية:

اعلم أن اللطائف هي: اللطيفة الوجودية التي أودعها الله في أصول كل مفردة من المفردات العلوية والسفلية، التي هي بها قائمة، والقوى هي التي حصلت من تركيب هذه المفردات. واللطيفة الأنائية الباقية إشارة إلى مزاج معتدل حصل من امتزاج القوى العلوية، واختلاط القوى السفلية بعضها ببعض، فتندرج فيها اللطائف القالبية والنفسية والقلبية والسرية والرحية والخفية والحقية، كما تشتمل على اللطيفة المعدنية والنباتية والحيوانية والجنية والملكية والقدسية والإنسانية.

فإذا كانت اللطائف السفلية هي الغالبة، تكون القوى كافرة مشركة منافقة من أصحاب الشمال، وإذا كانت اللطائف العلوية غالبة تكون القوى مسلمة مؤمنة محسنة من أصحاب اليمين. وإذا كانت اللطائف معتدلة غير غالبة ولا مغلوبة، فهي القوى المخصوصة باللطيفة الأنائية الكاملة المستحقة للمرآتية الإلهية، صاحب الوحدة من السابقين المقربين.

فاطلب هذه اللطائف فيك، واجهد في تطهيرها عن الحظوظ الباطلة، وتزكيتها عن القوى الغالبة والمغلوبة، وصقلها بالذكر. وأقمها في محاذاة وجه الملك الحق المبين لترى في مرآتك ما تريد، ولا تخرج عن عالم وجودك في طلب المرآة لئلا تضل، ولا تسافر إلى في وجودك لئلا تتحير، واعلم أن وجودك الكتاب الجامع للملك لترى فيه ما في مفردات الكتب المتفرقة الملكية والملكوتية، وتيقن بأنك الكتاب ، وأنت الخط والقلم، وأنت تقرأ ما سطرت في كتابك، فاكتب اليوم شيئاً إذا قرأته غداّ لا تحزنك قراءته.

واعلم أن كل ما تشاهده في أرضيات عالم الشهادة ومركباتها هي صور ما في قالبك، وأن كل شيء تشاهده في لطائف عالم الجسم علويه وسفليه وتركيباته هي صور ما في وجه نفسك الملصق بالقالب، والدركات التي تؤمن بها في الغيب، والزبانية ومالك جهنم وخزنتها هي صور صفات وجه نفسك الملصق بالصدر، وكل شيء تؤمن به من أمور الغيب في الآخرة هي صور معاني ما في قلبك، والملائكة الطائفة حول الكرسي هي صور معاني سرك، والتي تحمل العرش هي صور معاني رحانتيك، والروح القدسي الذي يؤيد الحق به عبده هي صورة لطيفتك الخفية المستحقة لتجلي اللطيفة الحقية، فإذ تجلت اللطيفة الحقية ظهرت اللطيفة الأنائية الكاملة المستحقة للمرآتية لوجه تعالى، العارفة بذات الحق وصفاته وأفعاله وآثاره فافهم.