قال الشيخ صدر الدين القونوي:
الحق أعظم من أن يحجبه شيء أو أن يكشفه أمر، كان ما كان، وإنما الناس محجوبون بأحوالهم الطبيعة وغيرها من ظنونهم ومعتقداتهم، وذلك في اللّه لا عن اللّه، وظنونهم وتصوراتهم الاعتقادية من جملة أحوالهم، و كذا ما يسمونه كشفا وبصيرة، إنما هو أحوال لنفوسهم حال خلوّ بواطنهم عن خواص الكثرة والإمكان فيظهر الحق إذ ذاك في صور أحوالهم الخالية عن النقوش.
وكذلك لم يزل الحق متجلياً وسارياً فيهم، لكن بحسب خواص الكثرة والإمكان، فليس إلا أحوال تتعاقب وتظهر في بعضها خواص الكثرة والإمكان ويخلو بعضها عنهما، فيظهر حكم الوحدة الإلهية وما يلزمها من الحكم والسلطان.
والإنسان لما غلب عليه وانتسب بوصفه الغالب في كل حال عليه.
وقال الشيخ عبد الرؤوف المناوي:
الأكوان المتصفة بالعدمية، وقد تقرر في العقول أنه تعالی خالق كل شيء، فالكل منه وإليه، فوجود كل شيء به وله، لا معه، لأن الكل عدم، والعبد محجوب به عنه، وهو عدم ، فالعدم حجب العدم، واحتجاب العدم بالعدم دلیل ظهور الوجود بالوجود بلا حجب، وذلك من أكبر شواهد العظمة.
فمن كان له إلى الله وجهة تحقق بأن كل شيء هالك إلا وجهه، لا يشهد إلا الحي القيوم ويقطع بأن ما سواه معدوم، لكنه تعالى لعظمة كماله وشدة قهره وجلاله حجب العقول بما ليس بموجود، بل عدم في عين الشهود، فأنت بك عنك محجوب، فلو فنیت لبقيت بالحق المطلوب. والحق لا يصح كونه حجاباً ولا محجوباً، فتوهم وجود الغير معه محال عند أهل الكمال، وما من شيء إلا يدل عليه لكنك لا تدري كيف تسير إليه ، دلت مصنوعاته على وحدانیته وبرهنت آياته على فردانيته وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد .