قال الشيخ الزيني الهشيمي الحسيني في كتاب مأرب اليقين:
اعلم أن كل شيء من الأشياء مظهر اسم من الأسماء، إلا الإنسان مظهر الأسماء الإلهية من الجمالية والجلالية، ولذا قيل إن الإنسان بمنزلة إنسان العين للحق بالنسبة إلى سائر المخلوقات، وإليه أشير بقوله عليه السلام: "خلق الله آدم على صورته"، أي خلق الله آدم متصفاً بجميع صفاته.
فإذا عرفت هذا فاعلم ان جميع الصفات موجودة بالوجود الأزلي، قائمة بالذات القديم الأبدي، وظاهرة في الوجود الكوني اللايزالي، كما قال سبحانه في الحديث القدسي: "كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق"، فكان الخلق بمنزلة المرآة، وصورة الناظر بمنزلة الصفات، فإذا أرد الله أن ينظر ذاته فينظر إلى صفاته، وإذا أراد أن ينظر إلى صفاته فينظر إلى الخلق، مع أن الصفات قائمة بالذات، بل هي عين الذات، فالرائي عين المرئي باعتبار الظهور والتجلي، وغيره باعتبار المظاهر.
وهذا لا يستلزم إلا انحصار الوجود به سبحانه وتعالى، فإن قيام المرئي إنما هو بقيام الرائي، ووجود المظهر وجود الظاهر، فتحقق حقيقة أن سر الوجود المطلق سار في كل من الموجودات الكونية، لما تحقق أن الوجود الحقيقي واحد وما سواه أثر ذلك الوجود، فإذا تحقق لك ذلك تحقق سر الوجود الحق في الخلق وسر وحدة الوجود المطلق في المقيد، كما قيل: وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد.