هو الظاهر والباطن - الشيخ عبيدة بن أنبوجة التشيتي التجاني

قال الشيخ عبيدة بن أنبوجة التشيتي التجاني في ميزاب الرحمة الربانية: 
الاسم الجامع لمعاني الأسماء والصفات هو الاسم الله، وليس وراءه إلا الذات التي ما وراءها وراء فهي حضرة الطمس الذي هو عماء ليس فوقه هواء وما تحته هواء. ولقرب هذا الاسم من الذات وجمعه معاني الأسماء والصفات جزم من جزم بأنه الاسم الأعظم الذي ليس فوقه أكمل منه ولا أعم وأنه هو اسم الذات لكونه ظهر في مظهر الذات العالية لعدم اختصاصه بمعنى دون معنى ولأن الحق سبحانه وتعالى سمى به نفسه في غيب الغيب حيث لا وجود لشيء معه. 
والقول الفصل الذي عليه المحققون تعويلاً أن في تحقيق ذلك تفصيلاً وذلك أن الاسم الله هو اسم المرتبة الأعظم لجمعه معاني الأسماء والصفات التي عليها مدار المرتبة التأثيرية. واسم الذات من وراء ذلك إذ معلوم أن المرتبة غير الذات فسلطنة السلطان غير ذاته ضرورة فهي زائدة على الذات معقولة لأن العقل هو الذي يثبتها لا موجودة تتعلق بها الحواس. والذات موجودة ومعقولة، فبوجود ذاته تعالى الظاهرة خفيت ذاته على الحواس وإذ هو أقرب إليها من أن تدركه مع كونه في حضرة الظهور، وبمعقولية ذاته خفيت ذاته على العقل أيضاً مع كونه في حضرة المعقول.
 فذاته تعالى محتجبة عن الحواس والعقول وظاهرة لها، فرجع كل من البصر والبصيرة خاسئاً عن معرفة وجود ذاته الظاهر والباطن، فلم يدركا إلا تعقلها فقط فلم تجد للحاسة شيئاً فيها ظاهريتها أي الحاسة ولم تجد فيها للعقل شيئا باطنيته فتعاون العقل والبصر على معرفة مرتبته فالبصر يبصر والعقل يفكر وأعوزهما حصرها إذ لا يحصر معرفة المرتبة إلا النبيون ومن ضاهاهم من الأقطاب لأن لمعرفتها ظاهراً وباطناً لأهل مقام معرفة الروح من مراتب بطونه وظهوره. 
فهو تعالى الظاهر وهو الباطن بذاته . وذلك الظهور لا انقضاء له في الدنيا ولا في الآخرة كما أن البطون الذاتي كذلك. وليس هذا البطون هو الاخفاء المعهود بل هو عين الظهور الذي عميت به الأبصار من شدة قربه منها فلم تره ولم تدر ما هو فخفي أمره عليها كما خفي على البصر ظهور ما وقع فيه لشدة قربه منه مع تنزهه تعالى عن الحلول والاتحاد فهو خالق الممكن منهما ومحال أن يقع عليه إذ لا يتناول الممكن إلا ممكناً مثله وهو تعالى واجب الوجود. 
فالدليل على كون البطون ظهوراً قوله تعالى: {ونحن أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلكَن لا تبصرون}  ولم يقل: ولكن لا تعقلون، فجعل القرب مدركاً بالبصر، والذي من شأنه أن يدرك بالبصر لا يكون إلا ظاهراً لكن لم يظهر فصار باطنا. 
ودليل كون الظهور بطوناً قوله تعالى: 
{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}  فظهور الآيات ودلالتها على المرتبة أمر باطني لا يدرك إلا بالعقل ولو كان يدرك بغير العقل لكفت الرؤية في قوله: "سنريهم"  ولم يتوقف على قوله: "حَتى يَتَبَيَّنَ"  إذ الرؤية حصلت وبقي التبين حتى يحكم العقل وما يدرك إلا بالعقل لا يكون إلا باطناً لكن لم يبطن فصار ظاهراً، وبهذا تعلم أن المرتبة ظاهرة واسمها لا يكون إلا ظاهراً وهو الاسم الله.