بحث متقدم
الأربعاء 6/4/1446 هـ - الموافق 9/10/2024 م
القائمة
الصفحة الرئيسية
الطريقة الشاذلية الدرقاوية
مقدمة عامة عن الطريقة الشاذلية الدرقاوية
أخبار الطريقة الشاذلية الدرقاوية
جديد كلام العارفين بالله تعالى والمحققين الوارثين
الحقائق الإلهية في أشعار السادة الصوفية
مشايخ الطريقة
الأوراد
ورد الطريقة العام
أوراد الطريقة الخاصة
المكتبة
كتب تصوف بتحقيق الشيخ الدكتور عاصم الكيالي
مقالات صوفية
المكتبة المرئية
المكتبة المسموعة
مجموعة مخطوطات
كتب تصوف أخرى
تسجيل العضوية
للتواصل والاستفسار
شرح الحكمة العطائية الأولى من كتاب اللطائف الإلهية
الحكمة الأولى:
«من علامات الاعتماد على العمل، نقصان الرّجاء عند وجود الزّلل» .
شرح الحكمة:
إن الاعتماد على الشيء: هو الاستناد عليه و الركون إليه. و قبل الشروع في بيان معنى الحكمة العام لا بد من الإشارة إلى انقسام الأعمال التي يقوم بها المكلّف إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: عمل الشريعة و يسمى الإسلام و هو الركن الأول من أركان الدين الكامل المشار إليه في قوله تعالى: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ اَلْإِسْلاٰمَ دِيناً [المائدة:٣].
القسم الثاني: عمل الطريقة أو السلوك و يسمى الإيمان و هو الركن الثاني من أركان الدين الكامل.
القسم الثالث : عمل الحقيقة و يسمى الإحسان، و هو الركن الثالث من أركان الدين الكامل فالشريعة أو الإسلام لإصلاح الظواهر أي الجوارح و يتحقق بامتثال الأوامر الشرعية و اجتناب النواهي. و الطريقة أو الإيمان لإصلاح الضمائر القلب و النفس و يتحقق ذلك بتهذيب النفس و تخليتها من الرذائل و تربيتها و تحليتها بأنواع الفضائل.
و الحقيقة أو الإحسان لإصلاح السرائر أي الأرواح و يتم ذلك بالأدب و التواضع و الانكسار و حسن الخلق.
إن هذه الحكمة «من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل» تحث المسلم على عدم الاعتماد على أعماله الصالحة-سواء كانت من مقام الإسلام أو الإيمان أو الإحسان-بأن يغترّ بها و يركن إليها، بل يجب عليه أن يعلق قلبه باللّه تعالى و برحمته و فضله مصداقا لقوله تعالى: اَلَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) [النّحل:42]فهذه الآية تشير إلى اعتماد العبد و توكله على ربه تعالى لا على عمله، لقول النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم:
«لن يدخل أحدكم الجنة بعمله» قالوا: و لا أنت يا رسول اللّه؟ قال: «و لا أنا إلا أن يتغمدني اللّه بفضله و رحمته» . ذلك أن عمل الإنسان لا يكون معتبرا إلا إذا كان مقبولا، و قبوله بمحض فضل اللّه تعالى هذا إضافة إلى أن أعمال العبد هي بتوفيق اللّه تعالى و منّه. قال تعالى: وَ اَللّٰهُ خَلَقَكُمْ وَ مٰا تَعْمَلُونَ (96) [الصّافات:96]فاللبيب من لا يعظم رجاؤه إذا ما كثرت أعماله الصالحة، و لا يقنط من رحمة اللّه تعالى و ييأس إذا ما قصّر في الطاعة أو وقع في المعصية.
قال الإمام الشافعي:
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم
و قال الشيخ ابن عطاء اللّه السكندري:
و لا يمنعه ذنب من رجاء فإن اللّه غفار الذنوب
و قال الإمام البوصيري:
حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه أو يرجع الجار منه غير محترم
و قال أيضا:
يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت إن الكبائر في الغفران كاللمم
لعلّ رحمة ربي حين يقسمها تأتي على حسب العصيان في القسم
يا رب و اجعل رجائي غير منعكس لديك و اجعل حسابي غير منخرم
و لا يظن أحد أن هذه الحكمة تقلل من أهمية الإكثار من الأعمال الصالحة بل هي تحذر الإنسان من الاعتماد عليها و الركون إليها و الغرور بها لكي لا ينقص رجاؤه إذا ما قصر يوما ما فييأس و يقنط من رحمة اللّه تعالى فيصدق في حقه قول اللّه تعالى: وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ اَلضّٰالُّونَ [الحجر:56].
فالأعمال الصالحة هي سبب رضي اللّه تعالى و رفع الدرجات في الجنة. فعلى المسلم أن يتمثل قول اللّه تعالى: اَلَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) [النّحل:
42]و يتمثل قول اللّه تعالى: لاٰ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اَللّٰهِ إِنَّ اَللّٰهَ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزّمر:۵٣].