بحث متقدم
الأربعاء 27/4/1446 هـ - الموافق 30/10/2024 م
القائمة
الصفحة الرئيسية
الطريقة الشاذلية الدرقاوية
مقدمة عامة عن الطريقة الشاذلية الدرقاوية
أخبار الطريقة الشاذلية الدرقاوية
جديد كلام العارفين بالله تعالى والمحققين الوارثين
الحقائق الإلهية في أشعار السادة الصوفية
مشايخ الطريقة
الأوراد
ورد الطريقة العام
أوراد الطريقة الخاصة
المكتبة
كتب تصوف بتحقيق الشيخ الدكتور عاصم الكيالي
مقالات صوفية
المكتبة المرئية
المكتبة المسموعة
مجموعة مخطوطات
كتب تصوف أخرى
تسجيل العضوية
للتواصل والاستفسار
شرح الحكمة العطائية التاسعة عشرة من كتاب اللطائف الإلهية
الحكمة التاسعة عشرة:
«لا يخاف عليك أن تلتبس الطّرق عليك، و إنّما يخاف عليك من غلبة الهوى عليك» .
شرح الحكمة:
هذه الحكمة تتحدث عن أمرين: الأول عدم الخوف على المسلم من خفاء الطرق الموصلة له إلى مولاه عزّ و جل، و الثاني الخوف على السائر إلى اللّه تعالى من أن يتبع هواه. و قبل الشروع في شرح هذه الحكمة لا بد من تفسير معنى الهوى لأن فهم معناه يسهل علينا فهمها.
الهوى: مصدر هواه إذا أحبه و اشتهاه و جمعه الأهواء، ثم سمي به المهوي المشتهى محمودا كان أو مذموما، ثم غلب على غير المحمود، فيطلق على من زاغ عن طريقة أهل السنة و الجماعة و كان من أهل القبلة فيقال: فلان اتبع هواه.
و عرّف الهوى أيضا: بأنه الميل إلى الشهوات و المستلذات من غير داعية الشرع، و بأنه ميل النفس إلى ما يلائمها من الشهوات، و إعراضها عما ينافرها، و قد يطلق الهوى و يراد به مطلق الميل و المحبة ليشتمل على الميل للحق و غيره، و قال الشعبيّ رحمه اللّه تعالى و هو من التابعين: إنما سمي الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه. 73
و بعد بيان معنى الهوى، أبدأ بشرح الحكمة فأقول: إنه لا يخاف على المسلم أن تلتبس عليه الطرق التي توصله إلى اللّه تعالى و رضوانه، لأن اللّه تعالى قال: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ اَلْإِسْلاٰمَ دِيناً [المائدة:3]. و قال النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم:
«تركت فيكم شيئين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا كتاب الله و سنتي» و قال صلى اللّه عليه و آله و سلم أيضا:
«تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ بعدي عنها إلا هالك» .
فبما أن طريق الهدى واضح و هو كتاب اللّه تعالى و سنة نبيه و من اتبعهما لن يضل أبدا، لم يبق إلا أن يخاف على المسلم أن يغلبه هواه فيتبعه فيضل عن الصراط المستقيم، و ضلاله من وجهين: إما أن هواه سيدفعه إلى الانغماس في شهوات الدنيا و مستلذاتها فتفسد نفسه و يقسو قلبه و يسوء عمله، و إما أن يدفعه إلى البدع و الاعتقادات الباطلة فيزيغ عقله و يضعف إيمانه و يتلاشى فيخسر آخرته التي فيها حياته الأبدية. قال اللّه تعالى: وَ إِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوٰائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام:119]، و قال اللّه تعالى: وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اِتَّبَعَ هَوٰاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اَللّٰهِ [القصص:50]، و قال اللّه تعالى: أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اِتَّخَذَ إِلٰهَهُ هَوٰاهُ وَ أَضَلَّهُ اَللّٰهُ عَلىٰ عِلْمٍ [الجاثية:23]قال سيدنا علي رضي اللّه تعالى عنه و كرّم وجهه: «أخاف عليكم اثنين: اتباع الهوى و طول الأمل، فإن اتباع الهوى يصد عن الحق و طول الأمل ينسي الآخرة» و قال الحسن البصري و هو من كبار التابعين: «أفضل الجهاد، جهاد الهوى» .
إن اتباع الهوى يؤدي إلى فساد الفرد و المجتمع بل و العالم مصداقا لقوله تعالى:
وَ لَوِ اِتَّبَعَ اَلْحَقُّ أَهْوٰاءَهُمْ لَفَسَدَتِ اَلسَّمٰاوٰاتُ وَ اَلْأَرْضُ [المؤمنون:71].
فعليك أخي المسلم أن تخالف هواك و تجعله يسير تبعا لما جاء به سيدنا محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم لتفوز بجنة ربك، قال صلى اللّه عليه و آله و سلم:
«لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به» و قال اللّه تعالى: وَ أَمّٰا مَنْ خٰافَ مَقٰامَ رَبِّهِ وَ نَهَى اَلنَّفْسَ عَنِ اَلْهَوىٰ(40) فَإِنَّ اَلْجَنَّةَ هِيَ اَلْمَأْوىٰ(41) [النّازعات: الآيتان 40،41].