بحث متقدم
الأحد 21/6/1446 هـ - الموافق 22/12/2024 م
القائمة
الصفحة الرئيسية
الطريقة الشاذلية الدرقاوية
مقدمة عامة عن الطريقة الشاذلية الدرقاوية
أخبار الطريقة الشاذلية الدرقاوية
جديد كلام العارفين بالله تعالى والمحققين الوارثين
الحقائق الإلهية في أشعار السادة الصوفية
مشايخ الطريقة
الأوراد
ورد الطريقة العام
أوراد الطريقة الخاصة
المكتبة
كتب تصوف بتحقيق الشيخ الدكتور عاصم الكيالي
مقالات صوفية
المكتبة المرئية
المكتبة المسموعة
مجموعة مخطوطات
كتب تصوف أخرى
تسجيل العضوية
للتواصل والاستفسار
شرح الحكمة العطائية الثالثة والعشرين من كتاب اللطائف الإلهية
الحكمة الثالثة و العشرون:
«استشرافك أن يعلم الخلق بخصوصيّتك، دليل على عدم صدقك في عبوديّتك.
غيّب نظر الخلق إليك بنظر اللّه إليك، وغب عن إقبالهم عليك بشهود إقباله عليك» .
شرح الحكمة:
إن هذه الحكمة تشتمل على أمرين: الأول أحد أمراض النفس و هو الرياء و عبّر عنه بقوله: «استشرافك أن يعلم الخلق بخصوصيتك» أي: بكرامتك عند اللّه تعالى لما خصك اللّه به من صالح الأعمال «دليل على عدم صدقك في عبوديتك» ، أي: و هذا يدل على عدم صدق من كان هذا حاله في عبوديته للّه تعالى لأن الصدق في العبودية يتطلب الإخلاص في العمل للّه تعالى بدليل قوله تعالى:
وَ مٰا أُمِرُوا إِلاّٰ لِيَعْبُدُوا اَللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ حُنَفٰاءَ [البيّنة:5].
و الرياء هو العمل من أجل الناس طلبا للمنزلة عندهم، قال اللّه تعالى: يُرٰاؤُنَ اَلنّٰاسَ وَ لاٰ يَذْكُرُونَ اَللّٰهَ إِلاّٰ قَلِيلاً [النّساء:142]و قال صلى اللّه عليه و آله و سلم:
«قال اللّه تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته و شركه» (رواه مسلم) .
قال أحمد بن أبي الحواري رحمه اللّه تعالى: «من أحبّ أن يعرف بشيء من الخير أو يذكر به فقد أشرك في عبادته، لأن من خدم على المحبة لا يحب أن يرى خدمته غير مخدومه» . أي من عبد اللّه حبا به و لم يعبده خوفا أو طمعا لا يحب أن يطلع على عمله غير محبوبه الذي عبده على المحبة و هو اللّه تعالى. و قال سهل بن عبد اللّه التستري رحمه اللّه تعالى: «من أحب أن يطلع الناس على عمله فهو مراء، و من أحب أن يطلع الناس على حاله فهو كذاب» . و قال إبراهيم بن أدهم رحمه اللّه تعالى: «ما صدق اللّه من أحب الشهرة» .
ذكر علماء التربية و السلوك علامات للمرائي تدل على ريائه منها: نشاطه في العبادة أمام الناس و كسله و قعوده عنها في خلوته. و منها: إتقانه للعبادة حيث يراه الناس و إسراعه فيها و تساهله بها حيث لا يراه أحد غير اللّه تعالى. و منها: تطلعه بقلبه توقير الناس له و تعظيمه. و منها الرغبة في مسارعتهم إلى قضاء حوائجه لما يرونه من صلاحه، حتى إنه إذا قصر أحدهم في حقه الذي يدّعيه لنفسه استنكر ذلك منهم.
و الأمر الثاني الذي اشتملت عليه هذه الحكمة هو الدواء الشافي من الرياء، و عبّر عنه بقوله: «غيب نظر الخلق إليك بنظر الحق إليك، وغب عن إقبالهم عليك بشهود إقباله عليك» أي، لا تنظر إلى نظر الخلق إليك، بأن تكون تشعر بنظرهم إليك و تهتم لذلك، بل غب عن نظرهم إليك، بالاكتفاء بنظر اللّه إليك بمراقبتك له و حضورك معه تعالى، و علمك بأنه عزّ و جل مطلع على ظاهرك و باطنك مصداقا لقوله تعالى: يَعْلَمُ خٰائِنَةَ اَلْأَعْيُنِ وَ مٰا تُخْفِي اَلصُّدُورُ (19) [غافر:19]و قال تعالى: أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصّلت:53].
و عليك أيضا أن تغيب عن إقبال الخلق عليك بالتبجيل و التعظيم، لأنهم لا يملكون لك ضرا و لا نفعا و لا رفعا و لا خفضا، و تكتفي بشهودك إقبال من ناصيتك بيده سبحانه و تعالى، الذي أسبغ عليك نعمه ظاهرة و باطنة، قال اللّه تعالى: وَ أَسْبَغَ 80
عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظٰاهِرَةً وَ بٰاطِنَةً [لقمان:20]و قال النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم موضحا إقبال اللّه على العبد فيما يرويه عن ربه:
«قال اللّه عزّ و جل: إذا تقرب عبدي مني شبرا تقربت منه ذراعا، و إذا تقرب مني ذراعا، تقربت منه باعا، و إذا أتاني يمشي أتيته هرولة» (رواه مسلم) .