بحث متقدم
السبت 21/5/1446 هـ - الموافق 23/11/2024 م
القائمة
الصفحة الرئيسية
الطريقة الشاذلية الدرقاوية
مقدمة عامة عن الطريقة الشاذلية الدرقاوية
أخبار الطريقة الشاذلية الدرقاوية
جديد كلام العارفين بالله تعالى والمحققين الوارثين
الحقائق الإلهية في أشعار السادة الصوفية
مشايخ الطريقة
الأوراد
ورد الطريقة العام
أوراد الطريقة الخاصة
المكتبة
كتب تصوف بتحقيق الشيخ الدكتور عاصم الكيالي
مقالات صوفية
المكتبة المرئية
المكتبة المسموعة
مجموعة مخطوطات
كتب تصوف أخرى
تسجيل العضوية
للتواصل والاستفسار
شرح الحكمة العطائية الثامنة عشرة من كتاب اللطائف الإلهية
الحكمة الثامنة عشرة:
«نعمتان ما خرج موجود عنهما، و لا بدّ لكلّ مكوّن منهما: نعمة الإيجاد، و نعمة الإمداد» .
شرح الحكمة:
هذه الحكمة تتحدث عن نعمة إيجاد المخلوقات من العدم، و عن نعمة إمدادها بالوجود، و قبل الشروع في بيان معناها العام، أشرح بعض الألفاظ الواردة فيها، ليسهل علينا بعد ذلك فهمها. إنّ المراد بكلمة (موجود) : ممكن الوجود و هو: ما يتصور في العقل وجوده و عدمه، و يسمى أيضا بالجائز، أي: يجوز في حقه الوجود و العدم، و يسمى أيضا بالحادث، أي: حدث بعد أن لم يكن. و المراد من قوله (مكوّن) أي: مخلوق من كون الشيء أي: أحدثه و أوجده. و هي تبين المراد من كلمة موجود الواردة سابقا، فخرج بها الموجود الواجب كذاته اللّه تعالى و صفاته.
أشرع في بيان معنى الحكمة العام فأقول: إن كل ما سوى اللّه تعالى من المخلوقات أصله العدم السابق على الوجود، قال اللّه تعالى: هَلْ أَتىٰ عَلَى اَلْإِنْسٰانِ حِينٌ مِنَ اَلدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1) [الإنسان:1]و قال اللّه تعالى: وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً [مريم:9]فأول نعمة أنعمها اللّه تعالى على الموجودات هي إخراجها من العدم إلى الوجود فهذه هي نعمة الإيجاد.
و أما النعمة الثانية فهي نعمة الإمداد و بيانها: أن الكائنات بعد وجودها من العدم دائمة الافتقار إلى غنى اللّه تعالى ليمدها بالبقاء، قال اللّه تعالى: *يٰا أَيُّهَا اَلنّٰاسُ أَنْتُمُ اَلْفُقَرٰاءُ إِلَى اَللّٰهِ وَ اَللّٰهُ هُوَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيدُ (15) [فاطر:15]و قال اللّه تعالى: إِنَّ اَللّٰهَ يُمْسِكُ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ أَنْ تَزُولاٰ [فاطر:41]فالعالم دائم الاحتياج إلى أن يمده اللّه تعالى بأسباب وجوده من المنافع التي تقتضي بقاء صورته و معناه، قال الشيخ أبو مدين رحمه اللّه تعالى: «الحق ممد و الوجود مستمد، و المادة من عين الجود فلو انقطعت المادة انهدم الوجود» . و كلامه هذا مستمد من قول اللّه تعالى: أَ فَعَيِينٰا بِالْخَلْقِ اَلْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) [ق:15].
فعلى الإنسان أن يداوم على شكر اللّه تعالى الذي أنعم عليه حسا و معنى، قال اللّه تعالى: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظٰاهِرَةً وَ بٰاطِنَةً [لقمان:20]و قال النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم:
«أحبّوا اللّه لما يغذوكم به من نعمه» 1 و نعمه تعالى الظاهرة هي: كل ما فيه بقاء أجسادنا من غذاء و لباس و مسكن، و نعمه الباطنة هي: كل ما فيه تزكية نفوسنا و تطهير قلوبنا و تفتّح عقولنا و ترقّي أرواحنا. فالحمد للّه الذي حبّب إلينا الإيمان و زيّنه في قلوبنا، و كرّه إلينا الكفر و الفسوق و العصيان، قال اللّه تعالى: وَ لٰكِنَّ اَللّٰهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ اَلْإِيمٰانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ اَلْكُفْرَ وَ اَلْفُسُوقَ وَ اَلْعِصْيٰانَ أُولٰئِكَ هُمُ اَلرّٰاشِدُونَ (7) فَضْلاً مِنَ اَللّٰهِ وَ نِعْمَةً [الحجرات:7،8].