بحث متقدم
الأربعاء 6/4/1446 هـ - الموافق 9/10/2024 م
القائمة
الصفحة الرئيسية
الطريقة الشاذلية الدرقاوية
مقدمة عامة عن الطريقة الشاذلية الدرقاوية
أخبار الطريقة الشاذلية الدرقاوية
جديد كلام العارفين بالله تعالى والمحققين الوارثين
الحقائق الإلهية في أشعار السادة الصوفية
مشايخ الطريقة
الأوراد
ورد الطريقة العام
أوراد الطريقة الخاصة
المكتبة
كتب تصوف بتحقيق الشيخ الدكتور عاصم الكيالي
مقالات صوفية
المكتبة المرئية
المكتبة المسموعة
مجموعة مخطوطات
كتب تصوف أخرى
تسجيل العضوية
للتواصل والاستفسار
شرح الحكمة العطائية الحادية عشرة من كتاب اللطائف الإلهية
الحكمة الحادية عشرة:
«اخرج من أوصاف بشريّتك، عن كلّ وصف مناقض لعبوديّتك، لتكون لنداء الحقّ مجيبا، و من حضرته قريبا» .
شرح الحكمة
:
نمهد لشرح هذه الحكمة بالقول: إن الإنسان مركب من قوى مادية و من قوى روحية، لذلك كانت احتياجاته و متطلباته كثيرة و متنوعة. منها ما هوحسي حيواني كشهوتي البطن و الفرج، و منها ما هو ملكوتي نفسي كالصفات القلبية المتضادة: الكبر و التواضع، و الحسد و سلامة الصدر، و الغلظة و اللين، و حب الغنى و الأغنياء و كراهة الفقر و الفقراء و غير ذلك. و منها ما هو روحي جبروتي كمراقبة الإنسان المسلم للّه تعالى و شعوره أنه في حضرته من حيث أنه سبحانه و تعالى شاهده و ناظره و مطلع عليه.
إن الشريعة الإسلامية لم تترك الإنسان يسير على غير هدى باحثا عن هذه الاحتياجات، بل جاءت بما يشبع هذه القوى المادية و الروحية على السواء، فشرعت أركان الدين الإسلامي الثلاثة: الإسلام و الإيمان و الإحسان.
إن الإسلام يتضمن أحكام ظاهر الإنسان بما في ذلك من ماديات، و الإيمان يتضمن أحكام باطن الإنسان القلبي بما في ذلك من ملكوت، و الإحسان يتضمن أحكام باطن الإنسان الروحي بما في ذلك من جبروت.
و الإنسان المسلم إذا التزم الدين الإسلامي بأركانه الثلاثة سالفة الذكر الإسلام و الإيمان و الإحسان، يكون بذلك خارجا عن أوصاف بشريته المناقضة لعبوديته للّه تعالى، و يكون لنداء الحق مجيبا و من حضرته قريبا، و تفصيل شرح ذلك أن نقول:
إن الإنسان مطالب بأن يكون عبدا خالصا للّه تعالى، بأن يمتثل أوامره و يجتنب نواهيه، و النفس و الشيطان و شهوات الدنيا يعملون على منع الإنسان من الخضوع للّه تعالى، فيجعلونه يتخلّق بالأوصاف البشرية المناقضة لعبوديته للّه تعالى. فبالنسبة لظاهره و جوارحه، يرتكب المخالفات الشرعية لجهله بفقه الحلال و الحرام، فلا يطيع اللّه تعالى بل يعصيه، فلا يؤدي الفرائض من صلاة و زكاة و صيام و حج، و يشبع شهوتي بطنه و فرجه من الحرام. و بذلك يكون مخالفا لأوصاف عبوديته المتعلقة بمقام الإسلام.
و بالنسبة لنفسه و قلبه يتركهما دون تربية فيتخلّق بالأوصاف الذميمة و هي أخلاق الشياطين كالكبر و الحسد و الحقد و الغضب و البطر و الغلظة و البخل و الشح و الرياء و العجب و الكذب و غير ذلك من أوصاف مناقضة لعبوديته في مقام الإيمان.
و بالنسبة لروحه يترك الإخلاص و الصبر و التوكل و التواضع و الزهد و الحياء و القناعة، و صدق التوجه إلى اللّه تعالى و الاعتماد عليه، و يترك الخشوع و مراقبة اللّه سبحانه و تعالى في السر و العلن، و غير ذلك من صفات مناقضة لعبوديته في مقام الإحسان، و هو مقام: أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
أيها الإنسان المسلم إذا أردت أن تخرج من أوصاف بشريتك المناقضة لعبوديتك لتكون لنداء الحق مجيبا و من حضرته قريبا، عليك أن تتفقه في الدين فتؤدي الفرائض و تجتنب النواهي و تأخذ من الدنيا و شهواتها قدر ما سمح لك الحق تعالى بأخذه من الحلال.
و أن تزكي نفسك و تطهرها من الرذائل و تحلي قلبك بمكارم الأخلاق المحمدية التي بعث بها إلينا، و أن تستغني باللّه تعالى عن كل ما سواه و تعلم بأن اللّه تعالى يراك في كل أحوالك و شؤونك فتراقبه على الدوام لتشعر بقربه تعالى منك فتأنس و تطمئن به تعالى.
فنسأل اللّه تعالى أن يجعلنا لندائه مجيبين و من حضرته قريبين.