بحث متقدم
الأربعاء 27/4/1446 هـ - الموافق 30/10/2024 م
القائمة
الصفحة الرئيسية
الطريقة الشاذلية الدرقاوية
مقدمة عامة عن الطريقة الشاذلية الدرقاوية
أخبار الطريقة الشاذلية الدرقاوية
جديد كلام العارفين بالله تعالى والمحققين الوارثين
الحقائق الإلهية في أشعار السادة الصوفية
مشايخ الطريقة
الأوراد
ورد الطريقة العام
أوراد الطريقة الخاصة
المكتبة
كتب تصوف بتحقيق الشيخ الدكتور عاصم الكيالي
مقالات صوفية
المكتبة المرئية
المكتبة المسموعة
مجموعة مخطوطات
كتب تصوف أخرى
تسجيل العضوية
للتواصل والاستفسار
شرح الحكمة العطائية الخامسة والعشرين من كتاب اللطائف الإلهية
الحكمة الخامسة و العشرون:
«لا تنفعه طاعتك، و لا تضرّه معصيتك، و إنّما أمرك بهذه، و نهاك عن هذه، لما يعود عليك» .
شرح الحكمة:
إن هذه الحكمة تتحدث عن مسألة في العقيدة و هي وجوب الكمال المطلق للّه عزّ و جل، و من مقتضيات هذا الكمال الإلهي: اتصافه تعالى بالغنى الذاتي فهو تعالى غني عن كل ما سواه من المخلوقات، قال اللّه تعالى: لَهُ مٰا فِي اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي اَلْأَرْضِ وَ إِنَّ اَللّٰهَ لَهُوَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيدُ (64) [الحجّ:64]و هي تفتقر إليه في كل نفس من الأنفاس، قال اللّه تعالى: *يٰا أَيُّهَا اَلنّٰاسُ أَنْتُمُ اَلْفُقَرٰاءُ إِلَى اَللّٰهِ وَ اَللّٰهُ هُوَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيدُ (15) [فاطر:15]إن اللّه عزّ و جل لم يلحقه بإيجاد الأكوان كمال كما لم يلحقه بإعدامها نقص. فهو تعالى لم يخلق الخلق لغرض يعود عليه منهم، لأن أفعاله تعالى منزّهة عن الأغراض و الأعواض بل أمرهم بالخير و نهاهم عن الشر لما يعود عليهم من المنافع و المصالح في دنياهم و آخرتهم تفضلا منه تعالى و رحمة، قال اللّه تعالى: وَ فَضَّلْنٰاهُمْ عَلىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنٰا تَفْضِيلاً [الإسراء:70] و قال تعالى: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اَللّٰهِ لاٰ تُحْصُوهٰا إِنَّ اَللّٰهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) [النّحل:
18]و قال تعالى: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظٰاهِرَةً وَ بٰاطِنَةً [لقمان:20]و قال تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اِخْتِلاٰفِ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهٰارِ وَ اَلْفُلْكِ اَلَّتِي تَجْرِي فِي اَلْبَحْرِ بِمٰا يَنْفَعُ اَلنّٰاسَ وَ مٰا أَنْزَلَ اَللّٰهُ مِنَ اَلسَّمٰاءِ مِنْ مٰاءٍ فَأَحْيٰا بِهِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهٰا وَ بَثَّ فِيهٰا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِيفِ اَلرِّيٰاحِ وَ اَلسَّحٰابِ اَلْمُسَخَّرِ بَيْنَ اَلسَّمٰاءِ وَ اَلْأَرْضِ لَآيٰاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) [البقرة:164]و قال تعالى: اَللّٰهُ رَبُّكُمْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ خٰالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَ هُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) [الأنعام:102].
روى الإمام مسلم عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر لكم ذنوبكم جميعا فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلك عندي إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر ، يا عبادي إنما هي أعمالكم : أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله عز وجل . ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ".
أخي المسلم، إذا علمت أن طاعتك لا تنفعه تعالى وأن معصيتك لا تضره فهو تعالى خالق الخير والشر وهو القاهر فوق عباده. وإذا علمت أن الله تعالى أمرك بطاعة أوامره ونهاك عن اقتراف نواهيه لما يعود عليك من فوائد دنيوية وأخروية مصداقاً لقوله تعالى: منْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) [فصلت: 46] وقوله تعالى: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) [غافر: 40] فعليك بالمسارعة إلى شكره تعالى على ما أنعم عليك ويتحقق لك ذلك بصدق توجهك إليه والإخلاص في عملك له وتفريغ القلب من غيره سبحانه وتعالى.