بحث متقدم
الأربعاء 6/4/1446 هـ - الموافق 9/10/2024 م
القائمة
الصفحة الرئيسية
الطريقة الشاذلية الدرقاوية
مقدمة عامة عن الطريقة الشاذلية الدرقاوية
أخبار الطريقة الشاذلية الدرقاوية
جديد كلام العارفين بالله تعالى والمحققين الوارثين
الحقائق الإلهية في أشعار السادة الصوفية
مشايخ الطريقة
الأوراد
ورد الطريقة العام
أوراد الطريقة الخاصة
المكتبة
كتب تصوف بتحقيق الشيخ الدكتور عاصم الكيالي
مقالات صوفية
المكتبة المرئية
المكتبة المسموعة
مجموعة مخطوطات
كتب تصوف أخرى
تسجيل العضوية
للتواصل والاستفسار
شرح الحكمة العطائية الرابعة عشرة من كتاب اللطائف الإلهية
الحكمة الرابعة عشرة:
«ما بسقت أغصان ذلّ إلاّ على بذر طمع» .
شرح الحكمة:
بسقت أي: طالت و بسقت النخلة إذا طالت، قال تعالى:
وَ اَلنَّخْلَ بٰاسِقٰاتٍ [ق:١٠]أي طويلات. و الأغصان: معروفة و هي جمع غصن، و هي ما تشعب عن جذع الشجرة. و البذر: هو الحب الذي يزرع في الأرض.
و الطمع: هو ميل النفس إلى الشيء و تعلقها به و حرصها عليه.
و قالوا في معنى الطمع أيضا: هو تعلق القلب بما في أيدي الخلق و تشوفه إلى غير مولاه سبحانه و تعالى.
فيكون معنى الحكمة لا تغرس بذر الطمع في قلبك فتخرج منه شجرة الذل و تتشعب أغصانها.
و الطمع من أعظم آفات النفس لأنه أصل الذل للخلق و هو ينافي العزة المشار إليها بقوله تعالى: وَ لِلّٰهِ اَلْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون:٨]فهو ينافي حقيقة الإيمان و يقدح في العبودية للّه تعالى، لأنه يصرف الهمة عن التعلق باللّه و الثقة به و الاعتماد و التوكل عليه تعالى إلى التذلل إلى الخلق و اعتقاد أنهم ينفعونه و أن الخير و اصل إليه منهم و في ذلك ذله من عدة وجوه، منها: شكه في قدرة اللّه تعالى المتعلقة في المقدور، و منها: تملقه للمطموع فيه، و منها: استشعاره الخيبة و المهانة عند الطلب، و منها: بذله ماء وجهه عند مواجهة المطلوب منه. و في ذلك من المذلة ما لا يخفى.
قال أحد العلماء باللّه تعالى: «أيها الرجل ما قدر لما ضغيك أن يمضغاه فلا بد أن يمضغاه، و يحك فكله بعز و لا تأكله بذل» .
و قال الشيخ أبو الحسن الوراق رحمه اللّه تعالى: «من أشعر في نفسه محبة شيء من الدنيا فقد قتلها بسيف الطمع، و من طمع في شيء ذلّ له، و بذلّه هلاكه» . و قال الشيخ ابن عطاء اللّه في كتابه التنوير في إسقاط التدبير: «و تفقد وجود الورع من نفسك أكثر مما تتفقد ما سواه، و تطهر من الطمع في الخلق، فلو تطهر الطامع فيهم بسبعة أبحر ما طهره إلا اليأس منهم و رفع الهمة عنهم» . ۶۶
و قدم سيدنا علي رضي اللّه تعالى عنه و كرّم وجهه إلى مدينة البصرة في العراق فدخل جامعها، فوجد القصّاص يقصّون فأقامهم-أي طردهم من المسجد-حتى جاء إلى الحسن البصري رضي اللّه عنه، فقال له: يا فتى إني سائلك عن أمر فإن أجبتني عنه أبقيتك-أي في التدريس-و إلا أقمتك كما أقمت أصحابك-و كان قد رأى عليه سمتا و هديا-فقال الحسن البصري: سل ما شئت، قال: ما ملاك الدين-أي أصله و قوامه؟ قال: -أي الحسن البصري: ملاك الدين الورع. قال-أي سيدنا علي-: فما فساد الدين؟ قال: الطمع. قال: -أي سيدنا علي-: اجلس فمثلك من يتكلم على الناس» .
فعليك أخي المسلم بعدم الطمع لأنه أصل الذل، و رحم اللّه تعالى القائل:
ترك المطامع للفتى شرف له حتى إذا طمع الفتى ذلّ الشرف
و قال آخر:
اضرع إلى اللّه لا تضرع إلى الناس و اقنع بعز فإن العز في الياس
و استغن عن كل ذي قرب و ذي رحم إن الغني من استغنى عن الناس
و في المثل المشهور: الطمع ضر و ما نفع، و ما بسقت أغصان ذل إلا على بذر طمع.