بحث متقدم
السبت 13/6/1446 هـ - الموافق 14/12/2024 م
القائمة
الصفحة الرئيسية
الطريقة الشاذلية الدرقاوية
مقدمة عامة عن الطريقة الشاذلية الدرقاوية
أخبار الطريقة الشاذلية الدرقاوية
جديد كلام العارفين بالله تعالى والمحققين الوارثين
الحقائق الإلهية في أشعار السادة الصوفية
مشايخ الطريقة
الأوراد
ورد الطريقة العام
أوراد الطريقة الخاصة
المكتبة
كتب تصوف بتحقيق الشيخ الدكتور عاصم الكيالي
مقالات صوفية
المكتبة المرئية
المكتبة المسموعة
مجموعة مخطوطات
كتب تصوف أخرى
تسجيل العضوية
للتواصل والاستفسار
شرح الحكمة العطائية السابعة عشرة من كتاب اللطائف الإلهية
الحكمة السابعة عشرة:
«متى أعطاك أشهدك برّه، و متى منعك أشهدك قهره، فهو في كلّ ذلك متعرّف إليك، و مقبل بوجود لطفه عليك» .
شرح الحكمة:
إن النفس البشرية تحب العطاء لأنه يوافق الهوى و الطبع، و تكره المنع لأنه يخالفهما، لأن العطاء وجود و المنع عدم، و هي تحب الوجود و تكره العدم، فمن أعطاها من الخلق شيئا أحبّته لذلك، و من منع عنها شيئا سخطت عليه و كرهته، و لذلك قيل: «جبلت النفوس على حب من أحسن إليها» و ذلك شأن العبد مع ربه، إذا أعطاه فرح و إذا منعه حزن، مصداقا لقوله تعالى: فَأَمَّا اَلْإِنْسٰانُ إِذٰا مَا اِبْتَلاٰهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَ نَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَ أَمّٰا إِذٰا مَا اِبْتَلاٰهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهٰانَنِ (16) [الفجر: الآيتان 15،16].
و هذه الحكمة تحدثنا عن العلاقة بين اللّه تعالى و بين عبده في العطاء و المنع، فهي تبين أن اللّه تعالى إذا أعطى عبدا شيئا فإنه يكون بذلك العطاء يريد أن يشهده برّه و لطفه به و فضله عليه، و إن منع عنه شيئا بأن حرمه ما يوافق طبعه و هواه، أو ابتلاه بما يكره، فإنه يكون بذلك المنع يريد أن يشهد عبده القهر الإلهي، قال تعالى: وَ هُوَ اَلْقٰاهِرُ فَوْقَ عِبٰادِهِ [الأنعام:18]و في كلتا الحالتين: العطاء و المنع يتعرف العبد على لطف اللّه تعالى به، قال تعالى: وَ عَسىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ عَسىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَ اَللّٰهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ [البقرة:216].
فلطف اللّه تعالى لا ينفك عن العبد سواء في العطاء أم في المنع. قال تعالى:
أَ لاٰ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اَللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ (14) [الملك:14]فاللّه تعالى لطيف بعبده خبير بما يصلحه و بما يفسده، قال الشيخ ابن عطاء اللّه الإسكندري مؤلف هذه الحكم:
«من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذلك لقصور نظره» .
فالحق تعالى يريد من عبده المحسن السالك طريق معرفته: -المسلم و المؤمن و المحسن السائر و السالك على الصراط المستقيم صراط الدين الكامل الموصل إلى معرفة اللّه تعالى-أن يشهد عند العطاء صفاته الجمالية، من الرحمة و الجود و البرّ و الكرم و الإحسان و اللطف و غير ذلك، و أن يشهد عند المنع صفاته الجلالية، من القهر و الكبرياء و العزة و الاستغناء و غير ذلك، فيصل العبد عند ذلك إلى درجة الكمال 71
الديني، فيعرف معنى قوله تعالى: لِكَيْلاٰ تَأْسَوْا عَلىٰ مٰا فٰاتَكُمْ وَ لاٰ تَفْرَحُوا بِمٰا آتٰاكُمْ [الحديد:23]و المؤمن إذا أعطاه اللّه تعالى شكر، فأثابه اللّه تعالى على هذا الشكر، و إذا منعه صبر، فأثابه اللّه تعالى على هذا الصبر، فكل شؤون المؤمن خير، و هذا هو عين اللطف الإلهي بعباده، فمتى أعطاهم أشهدهم برّه، و متى منع عنهم أشهدهم قهره، و هو في كل ذلك متعرف إليهم بإشهادهم لطفه تعالى عليهم.