بحث متقدم
الأربعاء 27/4/1446 هـ - الموافق 30/10/2024 م
القائمة
الصفحة الرئيسية
الطريقة الشاذلية الدرقاوية
مقدمة عامة عن الطريقة الشاذلية الدرقاوية
أخبار الطريقة الشاذلية الدرقاوية
جديد كلام العارفين بالله تعالى والمحققين الوارثين
الحقائق الإلهية في أشعار السادة الصوفية
مشايخ الطريقة
الأوراد
ورد الطريقة العام
أوراد الطريقة الخاصة
المكتبة
كتب تصوف بتحقيق الشيخ الدكتور عاصم الكيالي
مقالات صوفية
المكتبة المرئية
المكتبة المسموعة
مجموعة مخطوطات
كتب تصوف أخرى
تسجيل العضوية
للتواصل والاستفسار
شرح الحكمة العطائية السابعة والعشرين من كتاب اللطائف الإلهية
الحكمة السابعة و العشرون:
«من أثبت لنفسه تواضعا فهو المتكبّر حقّا، إذ ليس التّواضع إلاّ عن رفعة، فمتى أثبتّ لنفسك رفعة فأنت المتكبّر حقّا» .
شرح الحكمة:
إن هذه الحكمة تشير إلى صفتين الأولى محمودة و هي التواضع، و الثانية مذمومة و هي الكبر، و إن التواضع فضيلة في النفس ناشئة عن أمرين الأول:
معرفة الإنسان المسلم بصفات نفسه الحقيقية من الضعف و العجز و الجهل و الذل و الافتقار الدائم للّه تعالى، و علمه بأن كل ما فيه من محامد إنما هو من فضل اللّه تعالى عليه، و رحمته به أن أجرى الخير على يديه. و الأمر الثاني: مراقبة الإنسان المؤمن لعظمة اللّه تعالى و كبريائه، و أنه القاهر فوق عباده مما سيولد في قلبه الخشية و الهيبة و الرهبة من اللّه تعالى، فلا يرى لنفسه رفعة على أحد من خلق اللّه تعالى، قال سيدنا موسى عليه السلام فيما أوحاه اللّه تعالى إليه: «إنّما أقبل عمل من تواضع لعظمتي و لم يتكبر على خلقي، و ألزم قلبه خوفي، و قطع النهار بذكري» . و قد حثنا اللّه تعالى على التواضع و أمرنا به بقوله تعالى: وَ اِخْفِضْ جَنٰاحَكَ لِمَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ (215) [الشّعراء:215]و في الحديث القدسي: «قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«إن اللّه أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد و لا يبغي أحد على أحد» (رواه مسلم) .
و قال صلى اللّه عليه و آله و سلم:
«ما نقصت صدقة من مال و ما زاد اللّه عبدا بعفو إلا عزا، و ما تواضع أحد للّه إلا رفعه اللّه» (رواه مسلم) .
إن الإنسان لا يستطيع التحقق بصفة التواضع إلا إذا تخلصت نفسه من داء الكبر الذي يعتبر من أفظع المهلكات و أردئها، قال اللّه تعالى: كَذٰلِكَ يَطْبَعُ اَللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّٰارٍ [غافر:35]و قال تعالى: وَ خٰابَ كُلُّ جَبّٰارٍ عَنِيدٍ [إبراهيم:
15].
إن الكبر صفة مذمومة شرعا و عقلا تقود صاحبها إلى غضب اللّه و مقته مصداقا لقوله تعالى: كَذٰلِكَ يَطْبَعُ اَللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّٰارٍ [غافر:35]و قوله تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبٰادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰاخِرِينَ [غافر:60]و قوله تعالى: وَ لاٰ تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتٰالٍ فَخُورٍ [لقمان:18].
و مصداقا لقول النبي صلى اللّه عليه و سلم:
«لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر» (رواه مسلم) . و قوله صلى اللّه عليه و سلم فيما يرويه عن ربه تعالى:
«العزّ إزاري، و الكبرياء ردائي، فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته» (رواه مسلم) و
روى الشيخان عن حارثة بن وهب رضي اللّه عنه قال: ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتلّ جوّاظ مستكبر» ، و العتل: الغليظ الجافي. و الجوّاظ: الضخم المختال في مشيته. فعليك أخي المسلم بالعمل على الاستشفاء من مرض الكبر لتتحلى نفسك بصفة التواضع.
و أعود الآن إلى معنى الحكمة فأقول: إن المقصود من الحكمة التحذير من التكبر الناتج عن ادعاء الإنسان المسلم التواضع لنفسه لأنه إذا فعل ذلك يكون متكبرا و علل ذلك بقوله: «إذ ليس التواضع إلا عن رفعة» أي يرى لنفسه مزية على غيره إلا أنه تنازل عنها تواضعا فهو عين التكبر، قال الشيخ أبو يزيد البسطامي رحمه اللّه تعالى:
«ما دام العبد ينظر أن في الخلق من هو شر منه فهو متكبر» . فعليك أخي المسلم بالعمل على الاستشفاء من مرض الكبر لتتخلق بصفة التواضع.