بحث متقدم
الأربعاء 6/4/1446 هـ - الموافق 9/10/2024 م
القائمة
الصفحة الرئيسية
الطريقة الشاذلية الدرقاوية
مقدمة عامة عن الطريقة الشاذلية الدرقاوية
أخبار الطريقة الشاذلية الدرقاوية
جديد كلام العارفين بالله تعالى والمحققين الوارثين
الحقائق الإلهية في أشعار السادة الصوفية
مشايخ الطريقة
الأوراد
ورد الطريقة العام
أوراد الطريقة الخاصة
المكتبة
كتب تصوف بتحقيق الشيخ الدكتور عاصم الكيالي
مقالات صوفية
المكتبة المرئية
المكتبة المسموعة
مجموعة مخطوطات
كتب تصوف أخرى
تسجيل العضوية
للتواصل والاستفسار
شرح الحكمة العطائية السادسة عشرة من كتاب اللطائف الإلهية
الحكمة السادسة عشرة:
«إن أردت أن يكون لك عزّ لا يفنى، فلا تستعزّنّ بعزّ يفنى» .
شرح الحكمة:
إن الإنسان بفطرته يصبو إلى الجاه و العز، و يحب أن يكون عزيزا بالدنيا، و إنّ النفس تحث صاحبها على السعي جاهدا في سبيل الوصول إلى هذا العز و نيله، و لكنها إن كانت أمّارة بالسوء جاهلة بربها محجوبة عنه بظلمات المعاصي
و الشهوات، فإنها تضلل الإنسان و تجعله يعتز بما يفنى، فيتعلق بالمال و العشيرة و الولد و المنصب و السلطان و غير ذلك من أمور الدنيا الفانية التي يظن أن عزه فيها فيشغل قلبه بها، مع أنه لو ملك الدنيا جميعها و اعتزّ بها إنما يكون قد اعتزّ بأقل من جناح بعوضة بدليل قول النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم فيما صحّ عنه: «لو كانت الدنيا تعدل عند اللّه جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء» ١.
و أما الإنسان العاقل صاحب النفس المطمئنة بنور الإيمان، فإنه يعتز بما يبقى، لأنه يريد أن يكون له عز لا يفنى، و هو: العز باللّه تعالى و بطاعته و امتثال أمره و موالاة أحبابه، قال تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهٰا فٰانٍ (26) وَ يَبْقىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلاٰلِ وَ اَلْإِكْرٰامِ (27) [الرّحمن:26-27]و قال تعالى: مَنْ كٰانَ يُرِيدُ اَلْعِزَّةَ فَلِلّٰهِ اَلْعِزَّةُ جَمِيعاً [فاطر:10] و قال تعالى: وَ مَنْ يَتَوَلَّ اَللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اَللّٰهِ هُمُ اَلْغٰالِبُونَ (۵۶) [المائدة:
۵۶]و قال تعالى: وَ لِلّٰهِ اَلْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لٰكِنَّ اَلْمُنٰافِقِينَ لاٰ يَعْلَمُونَ [المنافقون:٨].
و روي عن سيدنا علي رضي اللّه تعالى عنه و كرّم وجهه قوله: «من أراد الغنى بغير مال، و الكثرة بغير عشيرة فلينتقل من ذل المعصية إلى عز الطاعة» أي من استعز باللّه تعالى لا يقدر أحد أن يذله، و يروى في ذلك قصة الرجل الذي أمر هارون الرشيد بالمعروف فغضب منه و حنق عليه، فقال: -أي هارون الرشيد-اربطوه مع بغلة سيئة الخلق لتقتله، فلم تفعل معه شيئا، ثم قال: اسجنوه و طيّنوا عليه الباب ففعلوا، فرئي في بستان فأتي به فقال له: من أخرجك من السجن؟ فقال: الذي أدخلني البستان، فقال: و من أدخلك البستان؟ فقال: الذي أخرجني من السجن، فعلم هارون الرشيد أنه لم يقدر على ذله، و أمر الرشيد أن يركب الرجل و ينادى عليه: ألا إن هارون أراد أن يذل عبدا أعزّه اللّه فلم يقدر» .
فعليك أخي المسلم، إذا أردت أن يكون لك عز لا يفنى، أن لا تستعز بغير اللّه تعالى القائل: أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ اَلْعِزَّةَ فَإِنَّ اَلْعِزَّةَ لِلّٰهِ جَمِيعاً [النّساء:١٣٩]. و قال تعالى: وَ اُنْظُرْ إِلىٰ إِلٰهِكَ اَلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عٰاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي اَلْيَمِّ نَسْفاً [طه:97].