قال الشيخ روزبهان البقلي في تفسيره:
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } لهذا نداءٌ لأصحاب القلوب وخطاب مع طلاب هلال المشاهدة في أقطار سماوات الغيوب. أى يا أهل اليقين فرض عليكم الامساك عن الكون اصلاً، لأنكم في طلب المشاهدة فواجب ان تصوموا عن مألوفات الطبيعة في مقام العبودية كما كتب على المرسلين والنبين والعارفين والمحبين من قبلكم لكى تخلصوا عن رجس البشرية وتصلوا مقام الأمن والقربة.
{ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ } وهى ايام زمان الدنيا. أى اصبروا يا أوليائي عن شهوات الدنيا، فإنها ايام ستنقرض عن قريب حتى تفطروا بلقائي القديم وتعيشوا في جوارى الكريم { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } اى من يكون من المنقطعين مريضا من فرقتى او فى سفر الوحشة عن وصلتى فعليه تدارك أيام القدرة بعد ادراكه مقام القربة والمشاهدة { وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ } اى وعلى الذين يطيقونه الإمساك عن الكون بنعت الزهد عن الدنيا ايام حياته ولم يعمل عمل اهل الطاعة لقلة توفيقه وهدايته فدية وهو خدمة اولياء الله ببذل النفس والمال من الذين تركوا الدنيا لأهلها وذلك قوله تعالى { طَعَامُ مِسْكِينٍ } والمساكين الذين صادفوا مقام التلوين ولم يبلغوا مقام التمكين { فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ} أي ان تمسكوا عما يشتغل به اهل الدنيا {خَيْرٌ لَّكُمْ} في ثبات حالكم وقوة ارادتكم {إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي ان كنتم تعرفون ما للصائمين من الفرح فرحة في الدنيا بالمكاشفة وفرحة في الآخرة بصرف المشاهدة.
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} أي اذا سألك أهل محبتي وتوحيدي عن دنويّ منهم فإني قريب منهم إليهم، وأنا مباشر أسرارهم بحب ذاتي وفؤادهم بصفتي فأتجلى بنفسي من نفوسهم لِنفوسهم، لان ظهورى للعموم و‘ن لم يراني ‘لا اهل الخصوص.