كلك شرك خفي - الشيخ علي بن صدقة

قال الشيخ علي بن صدقة في شرحه على رسالة الشيخ رسلان:

(كلك) من حديث آيتك وشهودك ما سوى الله تعالى (شرك خفي) عنك جلي لدى أهل الله تعالى المتحققين بسر: {قل الله} (ولا يبين لك توحيدك) الخاص، فيظهر صافيا من كدورات شركة الأغيار (إلا إذا خرجت عنك) لله تعالى بالرياضة الصادقة في مقامات السالكين حتى تصل إلى مشاهدات العارفين.

وإذا تخلصت من شهود الأغيار (فكلما أخلصت) التوحيد بالتوجه إلى الحق من الخلق (يكشف لك)أي: الحقيقة إنسانيتك المدركة بعد زوال وهمك وخيالك (إنه) سبحانه (هو) الحق المبين؛ أي: وجوده الحق الصرف (لا أنت) إذ ليس لك وجود معه "كان الله ولا شىء معه وهو الآن على ما كان عليه"؛ إذ ما سوى الحق باطل، وأنت من جملة السوى من حيث شهودك إياك، والغرض أن تفنى عنك وتفنى عن فنائك عنك حتى لا يبقى عندك غير الحق سبحانه وتعالى، وأن تغيب به عنك حتى تضمحل وهو يبقى ولا أنت، فترى وجود الأشياء حينئذ بالنسبة إلى وجود الحق تعالى باطلاً:

تأمل سطور الكائنات فإنها     من الملأ الأعلى إليك رسائل

وقد خط فيها لو تأملت خطها  ألا كل شيء ما خلا الله باطل

فإذا وصلت إلى هذا المشهد حصلت على المقصود (فتستغفر منك) ومن شهودك سوى الله تعالى، فتصل إلى مقام التفريد وتجريد التوحيد. (وكلما وحدت) في عين الجمع (بان لك) في عين الفرق (الشرك فتجدد له في كل ساعة ووقت) بل في كل دقيقة (توحيدا) بألا تشاهد بعين اليقين إلا الله تعالى (وإيماناً) أي: يقينا صادقاً من شهود حق اليقين من أن الوجود الحق لله تعالى، ولا فاعل إلا الله تعالى و{كل شىء هالك إلا وَجْهَهُ}.

والهالك فعل له تعالى في حقيقة الأمر، والبقاء الحقيقى إنما هو لله تعالى، فلا فاعل في الحقيقة إلا الله تعالى، فالكل من الله وإلى الله بالله، فقال: أسلمت وجهي له، فتهرب من الكون إلى المكون، ومن المظهر إلى الظاهر، ومن الفاني إلى الباقي، فتصير بعد اصطلامك في شهود الباقي باقيا به.

(وكلما خرجت عنهم) أي: من الخلق إلى الخالق، ومن شهودهم إلى شهوده، وقصرت عين البصيرة على مشاهدة جمال حضرة الربوبية مستغرقا في بحار الأحدية (زاد إيمانك) أي: ترقيت إلى مقام أعلى وأغلى وأحلى وأجلى من الأول إلى غير نهاية؛ لأن العارف لا يقف مع شيء من المقامات، ثم بعد خروجك من الخلق بفنائك عنهم ترقى إلى خروجك عن نفسك بالفناء عنها (وكلما خرجت عنك) حتى لا تكون لك (قوي يقينك) فتتحقق بالحقيقة الحقية ألا كونية لك من حيث أنت، فتعلن له تعالى بالوحدانية على الإطلاق.