قال سيدي صدر الدين القونوي في شرحه على الأحاديث الأربعين: فلتعلم أنَّ طهارة باطن الإنسان، أعني قلبه وروحه، إنما تكون وتحصل بسبب قلة التعشقات والتعلقات أو ذهابهما ما خلا تعلقه بالحق وبسبب قلّة خواص الكثرة والصفات الإمكانية، وخصوصاً أحكام إمكانات الوسائط والسلامة من ضرر الأحكام الغيرية المتوهمة في الأشياء، وكدورة القلب والروح والحُرمَةِ والحِرْمان والمنع والحجب ونحو ذلك تكون بالصفات المتقابلة لهذه ككثرة الأحكام الإمكانية وخواص إمكانات الوسائط وكثرة التعلقات والانصباغ بالخواص والأحكام المضرة المودعة في الأشياء، التي اعتبارات غيريتها هي مظاهر النجاسة. واعلم أن طهارة بدن الإنسان هي من الأدناس والقاذورات، وطهارة حواسه من إطلاقها فيما لا يحتاج إليه من الإدراكات، وطهارة الأعضاء من إطلاقها في التصرفات الخارجة عن دائرة الاعتدالات المعلومة من الموازين العقلية والأحكام الشرعية والنصائح والتنبيهات، وخصوصاً اللسان، فإنَّ للسان الإنسان طهارتين: طهارة تختص بالصفات إلا عما يعني ويُفيد، وطهارة تختص بمراعاة العدل فيما يُعبّر عنه من الأمور، فلا يجوز عليها بنقص بيانه أو وصف شيء بما ليس فيه ولا تقتضيه ذاته، فإن ذلك ظلم لأنه من قبيل شهادة الزور. ثم نرجع إلى بيان ما يختص بباطن الإنسان، فنقول: طهارة خياله من الاعتقادات الفاسدة والتخيلات الردية وجولانه في ميدان الآمال والأماني ونحو ذلك. وطهارة ذهنه من الأفكار الرديّة والاستحضارات الغير الواقعة والمفيدة. وطهارة عقله من التقيد بنتائج الأفكار فيما يختص بمعرفة الحق وما يصاحبُ فيضه المُنْبَسِطَ على الممكنات من غرائب الخواص والعلوم والأسرار . وطهارة القلب من التقليب التابع للتشعيب بسبب التعلقات الموجبة لتوزيع الهمم وتشتيت العزمات. وطهارة النفس من أغراضها بل من عينها، فإنها خميرة الآمال والأماني والتعشق بالأشياء، وكثرة التشوقات المختلفة التي هي نتائج الأذهان والتخيلات. وطهارة الروح من الحظوظ الشريفة المَرجُوَّةِ من الحق كمعرفته والقرب منه والاحتظاء بمشاهدته وسائر أنواع النعيم الروحاني المرغب فيه والمستشرف بنور البصيرة، وطهارة الحقيقة الإنسانية من غير ما في الجمعية، ومن تغيير صورة ما يصل إليه الحق عما كان عليه حال تعينه وارتسامه في علم الحق أزلاً من حيث إن ذلك العلم صفة للحق بحيث يظهر كل شيء فيه على ما هو عليه في نفسه من غير زيادة ولا نقصان. وطهارة سرّه الذي هو عبارة عن مطلق التجلي الجمعي الذي إنما يستند إلى الحق المطلق ، ويرتبط به من حيثية تلك الحصة - أعني المسماة بالسرّ ـ هو باتصاله بالحق المطلق الجامع وزوال أحكام التقييديّة التي عرضت له بسبب المعية مع العين الثابتة التي هي المَجْلى المقابلة لذلك التجلي والمقيدة إيَّاه. ثم اعلم أن للإنسان طهارة عامة، هي من كونه نسخة من حضرة الحق وحقائق العالم وجامعاً لأحكامهما، فالأجمع لحقائق العالم وأحكامها وأحكام الحضرة الإلهية بالفعل تجلية وحكماً هو الأتم تحققاً بالطهارة العامة. وأما طهارته الخاصة بعد فبمقدار تحققه بالحق واحتظائه بالتجلي الذاتي الذي لا حجاب بعده ولا مستقر للكُمَّل دونه مع الحضور التام الدائم والمعية الذاتية المُنْبَسِطَةِ على عالم الغيب والشهادة وما اشتملا عليه فتدبر وافهم.
قال سيدي صدر الدين القونوي في شرحه على الأحاديث الأربعين:
فلتعلم أنَّ طهارة باطن الإنسان، أعني قلبه وروحه، إنما تكون وتحصل بسبب قلة التعشقات والتعلقات أو ذهابهما ما خلا تعلقه بالحق وبسبب قلّة خواص الكثرة والصفات الإمكانية، وخصوصاً أحكام إمكانات الوسائط والسلامة من ضرر الأحكام الغيرية المتوهمة في الأشياء، وكدورة القلب والروح والحُرمَةِ والحِرْمان والمنع والحجب ونحو ذلك تكون بالصفات المتقابلة لهذه ككثرة الأحكام الإمكانية وخواص إمكانات الوسائط وكثرة التعلقات والانصباغ بالخواص والأحكام المضرة المودعة في الأشياء، التي اعتبارات غيريتها هي مظاهر النجاسة.
واعلم أن طهارة بدن الإنسان هي من الأدناس والقاذورات، وطهارة حواسه من إطلاقها فيما لا يحتاج إليه من الإدراكات، وطهارة الأعضاء من إطلاقها في التصرفات الخارجة عن دائرة الاعتدالات المعلومة من الموازين العقلية والأحكام الشرعية والنصائح والتنبيهات، وخصوصاً اللسان، فإنَّ للسان الإنسان طهارتين: طهارة تختص بالصفات إلا عما يعني ويُفيد، وطهارة تختص بمراعاة العدل فيما يُعبّر عنه من الأمور، فلا يجوز عليها بنقص بيانه أو وصف شيء بما ليس فيه ولا تقتضيه ذاته، فإن ذلك ظلم لأنه من قبيل شهادة الزور.
ثم نرجع إلى بيان ما يختص بباطن الإنسان، فنقول: طهارة خياله من الاعتقادات الفاسدة والتخيلات الردية وجولانه في ميدان الآمال والأماني ونحو ذلك. وطهارة ذهنه من الأفكار الرديّة والاستحضارات الغير الواقعة والمفيدة. وطهارة عقله من التقيد بنتائج الأفكار فيما يختص بمعرفة الحق وما يصاحبُ فيضه المُنْبَسِطَ على الممكنات من غرائب الخواص والعلوم والأسرار . وطهارة القلب من التقليب التابع للتشعيب بسبب التعلقات الموجبة لتوزيع الهمم وتشتيت العزمات. وطهارة النفس من أغراضها بل من عينها، فإنها خميرة الآمال والأماني والتعشق بالأشياء، وكثرة التشوقات المختلفة التي هي نتائج الأذهان والتخيلات.
وطهارة الروح من الحظوظ الشريفة المَرجُوَّةِ من الحق كمعرفته والقرب منه والاحتظاء بمشاهدته وسائر أنواع النعيم الروحاني المرغب فيه والمستشرف بنور البصيرة، وطهارة الحقيقة الإنسانية من غير ما في الجمعية، ومن تغيير صورة ما يصل إليه الحق عما كان عليه حال تعينه وارتسامه في علم الحق أزلاً من حيث إن ذلك العلم صفة للحق بحيث يظهر كل شيء فيه على ما هو عليه في نفسه من غير زيادة ولا نقصان.
وطهارة سرّه الذي هو عبارة عن مطلق التجلي الجمعي الذي إنما يستند إلى الحق المطلق ، ويرتبط به من حيثية تلك الحصة - أعني المسماة بالسرّ ـ هو باتصاله بالحق المطلق الجامع وزوال أحكام التقييديّة التي عرضت له بسبب المعية مع العين الثابتة التي هي المَجْلى المقابلة لذلك التجلي والمقيدة إيَّاه.
ثم اعلم أن للإنسان طهارة عامة، هي من كونه نسخة من حضرة الحق وحقائق العالم وجامعاً لأحكامهما، فالأجمع لحقائق العالم وأحكامها وأحكام الحضرة الإلهية بالفعل تجلية وحكماً هو الأتم تحققاً بالطهارة العامة. وأما طهارته الخاصة بعد فبمقدار تحققه بالحق واحتظائه بالتجلي الذاتي الذي لا حجاب بعده ولا مستقر للكُمَّل دونه مع الحضور التام الدائم والمعية الذاتية المُنْبَسِطَةِ على عالم الغيب والشهادة وما اشتملا عليه فتدبر وافهم.