قصيدة لسلطان العاشقين عمر بن الفارض في حب النبي صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده الشريف

قـلبي  يُـحَدّثني بـأَنّكَ مُـتْلِفِي              روحـي  فِداكَ  عرَفْتَ أمَ لم تَعْرِفِ
لـم أَقْضِ حَقّ هَواكَ إن كُنتُ الذي        لـم  أقضِ فيِه أسىً ومِثليَ مَنْ يَفي
مـا  لي سِوَى روحي وباذِلُ نفسِهِ         فـي حُبّ مَن يَهْواهُ ليسَ بِمُسرِف
فـلَئِنْ  رَضِـيتَ  بها فقد أسعَفْتَني         يـا خَـيبَة الـمَسْعَى إذا لم تُسْعِفِ
يـا مـانِعي طـيبَ المَنامِ ومانِحي          ثـوبَ  السّقامِ  بِهِ ووَجْدِي المُتْلِفِ
عَـطفاً عـلى رَمقي وما أبقَيتَ لي         مـنْ  جسميَ المُضْنى وقلبي المُدَنَفِ
فـالوَجْدُ بـاقٍ والوِصَالُ مُماطلي           والـصّبْرُ  فـانٍ والـلّقاء مُسَوّفي
لـم أَخلُ من حَسَدٍ عليك فلا تُضِعْ        سَـهَري  بـتَشْنِيع الخَيالِ المُرجِفِ
واسأَلْ  نجومَ  اللّيلِ هل زارَ الكَرَى     جَـفني  وكيف  يزورُ مَن لم يَعْرِفِ
لا  غَـرْوَ إن شَحّتْ بغُمْضِ جُفُونها     عـيني وسَـحّتْ بالدّموعِ الذّرّفِ
وبـما جرَى في موقفِ التوديعِ مِنْ       ألـمِ  النّوَى شاهدتُ هَولَ الموقفِ
إن لـم يـكن وْصلٌ لدَيْكَ فعِدْ به          أَمَـلي  وَمَاطِلْ إنْ وَعَدْتَ ولا تفي
فـالمَطْلُ  مـنكَ لدَيّ إنْ عزّ الوفا          يـحلو  كوَصَلٍ من حبيبٍ مُسْعِفِ
أهْـفُو  لأنـفاسِ الـنّسِيمِ تَـعِلّةً              ولـوَجْه  مَـن نقَلَتْ شَذَاهُ تشوّفي
فـلَعَلّ  نـارَ جـوانحي بـهُبُوبِها            أن تـنـطَفي وأوَدّ أن لا تـنطَفي
يـا  أهـلَ وُدّي أنـتم أَمَلي ومَن            نَـادَاكُمُ  يـا  أَهْلَ وُدّي قد كُفي
عُـودوا لِـما كُنْتُم عليه من الوفا          كَـرَماً  فـإنّي ذَلِـكَ الخِلّ الوَفي
وحـياتِكُمْ  وحـياتِكُمْ قَسَماً وفي          عُـمري بـغيرِ حـياتِكُمْ لم أحْلِف
لـو  أَنّ رُوحـي في يدي وَوَهَبْتُها        لـمُبَشّري بِـقُدُومكمْ لـم أُنْصِف
لا تـحسَبُوني فـي الـهوى مُتَصَنّعاً      كَـلَفي  بِـكُمْ خُـلُقٌ بغيرِ تكلُّف
أخـفَيتُ  حُـبّكُمُ فـأخفاني أسىً          حـتى  لـعَمري كِدْتُ عني أختفي
وكـتـمْتُهُ  عـنّي فـلو أبـدَيْتُهُ             لـوَجَدْتُهُ  أخفى منَ اللُّطْف الخَفي
ولـقد  أَقـولُ لِمَنْ تحَرّشَ بالهوى      عـرّضْتَ  نفسَكَ للبَلا فاستهدف
أنـتَ  الـقَتِيْلُ  بـأيّ مَنْ أحبَبْتَهُ         فاختر لنَفْسِكَ في الهوى من تصطف
قُـلْ لـلعذولِ أطلْتَ لومي طامعاً        إنَّ الـملامَ عـن الهوى مُستوقِفي
دَعْ  عنكَ  تَعنيفي وذُقْ طعم الهَوَى   فـإذا  عـشِقْتَ  فبعدَ ذلكَ عَنّف
بَرَحَ  الخَفاء  بحُبّ مَنْ لَوْ في الدّجى  سَـفَرَ الـلّثامَ لقُلْتُ يا بدرُ اختَفِ
وإن اكـتفى غَـيري بطَيفِ خيالِهِ       فـأنا  الّـذي بـوِصالِهِ لا أكتَفي
وَقْـفَاً  عـليِه  مَـحَبتِّي ولِمِحنتي        بـأَقَلّ مِـن تَـلَفي بـه لا أشتَفي
وهَـواهُ وهْـوَ ألـيّتي وكَـفَى بِه          قَـسَماً أكـادُ أُجِـلّهُ كالمُصْحَفِ
لَـوْ قالَ تِيهاً قِفْ على جَمْر الغَضا    لَـوَقَفْتُ مُـمْتَثِلاً ولـم أتـوَقّف
أوْ  كـان  مَنْ يرضى بخدّي موْطِئاً   لَـوَضَعْتُهُ أرْضـاً ولـم أستنكِف
لا تُـنْكِروا شـغَفِي بما يرضَى وإن    هـو  بـالوِصَالِ عـليّ لم يتعطّف
غَـلَبَ  الهَوَى فأطَعْتُ أمْرَ صَبابتي    مـن  حيثُ فيه عصَيتُ نهْيَ مُعنّفي
مـني لَـهُ ذُلّ الـخَضُوعِ ومنهُ لي       عِـزّ الـمَنوعِ وقـوّة المستضْعِف
ألِـفَ  الـصّدُودَ ولي فؤادٌ لم يزَلْ      مُـذْ كُـنتُ غـيرَ وِدَادِهِ لم يألَف
يـا مـا أُمَـيْلَحَ كُلَّ ما يرْضَى بِهِ       ورُضـابُهُ  يـا مـا أحَـيْلاَهُ بفي
لـو  أسـمَعوا يَعقُوبَ ذِكْرَ مَلاحَةٍ     فـي وجـهِهِ نَسِيَ الجَمالَ اليوسُفي
أو لـو رأهُ عـائِداً أيّـوبُ فـي          سِنَةِ  الكَرَى  قدماً من البلوى شُفي
كُـلُّ  الـبُدُورِ إذا تَـجَلّى مُقْبِلاً         تـصبُو إلـيه وكُـلُّ قَـدٍ أهيَف
إن  قُـلْتُ  عندي فيكَ كُلُّ صَبَابَةٍ     قـالَ الـمَلاحةُ لي وكُلُّ الحُسْنِ في
كَـمَلَتْ  مَحاسنُهُ فلو أَهدى السّنا     لـلبَدْرِ  عـند تَـمامِهِ لم يُخْسَف
وعـلى  تَـفَنّنِ واصِـفيهِ بِحُسْنِهِ      يَـفنى  الـزّمانُ وفيه ما لم يُوصف
ولـقد صَـرَفْتُ لـحُبّه كُلّي على       يَـدِ  حُسْنِهِ فحمِدْتُ حُسْنَ تصرّفي
فـالعينُ تـهوى صورةَ الحُسْنِ التي  روحـي بـها تَصبو إلى مَغْنىً خَفي
أسْـعِـدْ أُخَـيَّ وغَـنني بـحديثه        وانْـثُر عـلى سَمْعي حِلاهُ وشَنِّف
لأرى بـعينِ الـسّمعِ شاهِدَ حُسْنِهِ     مـعنىً فـأتحِفْني بـذاكَ وشَـرّف
يـا  أخْـتَ سعْدٍ مِن حَبيبي جئتِني   بِـرِسـالةٍ أدّيـتِـها بِـتَـلَطّف
فـسَمِعْتُ ما لم تسمَعِي ونَظَرْتُ ما  لـم تـنظُري وعَـرَفْتُ ما لم تعرِفي
إنْ  زارَ  يـوماً يـا حشايَ تَقَطَّعِي   كَـلَفاً بِـه أو سـارَ يا عينُ اذرِفي
مـا  للنّوَى  ذنْبٌ ومَنْ أهوَى مَعي   إن  غـابَ عن إنسانِ عيني فهو في