بحث متقدم
الأحد 11/5/1447 هـ - الموافق 2/11/2025 م
القائمة
الصفحة الرئيسية
الطريقة الشاذلية الدرقاوية
مقدمة عامة عن الطريقة الشاذلية الدرقاوية
أخبار الطريقة الشاذلية الدرقاوية
جديد كلام العارفين بالله تعالى والمحققين الوارثين
الحقائق الإلهية في أشعار السادة الصوفية
مشايخ الطريقة
الأوراد
ورد الطريقة العام
أوراد الطريقة الخاصة
المكتبة
كتب تصوف بتحقيق الشيخ الدكتور عاصم الكيالي
مقالات صوفية
المكتبة المرئية
المكتبة المسموعة
مجموعة مخطوطات
كتب تصوف أخرى
تسجيل العضوية
للتواصل والاستفسار
الحيرة من وصف العارفين - سيدي عبد الله بن حجازي الشرقاوي
قال الشيخ عبد الله بن حجازي الشرقاوي في شرحه على ورد السحر لسيدي مصطفى البكري:
قسم بعضهم الحيرة ثلاثة أقسام: حيرة على المحبوب، وهي مختصة بأهل البداية لعدم معرفتهم له، فهي مذمومة يجب التخلص منها. وحيرة في المحبوب بتجليه على القلوب فيحصل بسبب ذلك السكر كما قيل:
سقوني وقالوا: لا تفنى، ولو سقوا
جبال حنين ما سقوني لفتت
وهي مختصة بالمتوسطين.
وحيرة تحل بعد كمال التحقق بالمعرفة والشهود ومعاينة كل سر في العالم والاطلاع على أن الله تعالى واسع لا يقيده شيء، وأنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فليس سببها قصورًا في الإدراك وهي مختصة بالكاملين ودليلها: {
قُلْ مَا كُنتُ بِدْعَا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ
}، وقوله تعالى، حكاية عن عيسى عليه السلام: {
تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ
} الآية.
وبذلك يدرك سر قوله صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات: "
إن تهلك هذه العصابة
"، أي المسلمون "
فلن تعبد في الأرض"
إلى غير ذلك من الأحاديث والآيات، ومن ذلك قول الصديق: "العجز عن درك الإدراك إدراك". فتحير الحيرة فوصل.
فالوصول إلى الحيرة في الحق هو عين الوصول إليه، وأعظم ما تكون الحيرة لأهل التجلي إذا ظهر لهم الحق في جميع صور العالم مع اختلاف الحدود والأحكام لتلك الصور، فمن وقف مع الحدود والأحكام الثابتة المصورة حار، ومن علم أن هناك ذاتاً تتنقل في الصور بحسب أعين الناظرين لا بحسب نفسها لأنها واحدة اهتدى فهو العارف.
وسئل الجنيد عن العارف، فقال: لون الماء لون إنائه، أي هو متخلق بأخلاق الحق، وسئل ذو النون عنه فقال: كان ههنا فذهب، أي أنه مُتَرق في المقامات في كل نفس إذ له في كل نفس معراج، وفي كل حركة أو سكون منهاج، يستر مقامه بحاله، وحاله بمقامه فتجهله أرباب الأحوال لمقامه، وأرباب المقامات لحاله، تدور عليه المقامات ولا يدور عليها، وتسعى إليه المكرمات ولا يسعى إليها، عرّفه الحق آثار أفعاله، وتجليات جماله وجلاله، بأنفاسه تدور الأفلاك، ومن نيرانه تقتبس النور سائر الأملاك، مجهول في العالم لا يعرفه إلا عارف.
وصفات العارف أكثر من أن تحصى، فعظمته جلال الحق سبحانه وتعالى تدهش عقل المتجلي عليه. وكلما أشرب اللب بنور العرفان عظمت عظمة المعروف في الجنان، ولذا أضاف الحيرة لألباب العارفين دون غيرهم لأنهم أحق بذلك من غيرهم وإذا حارت الألباب في صفاته فكيف لا تحير في ذاته.