صفات الفقير إلى الله تعالى - الشيخ أحمد الغزالي

قال الشيخ أحمد الغزالي في كتابه سر الأسرار في كشف الأنوار:

اعلم أن الفقير له سبع صفات في الظاهر، وسبع في الباطن أما الأولى من السبع التي في الظاهر فهي أن يكون كثير العبادة، لأنه لما افتقر إلى الله تعالى ورجع بكليته فيلزم أنه لا يشتغل بشيء إلا بما أمر به، وقد أمر بالعبادة لقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الحِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [فلا يشتغل دائما إلا بالعبادة.

والثانية أن يكون كثير الذكر لأنه إذا عَبد الله على قدر طاقته، فتقرب إليه بأداء أوامره فيتجلى الله عليه باللطف والرحمة، فملأ قلبه من نوره، فنسي غيره وأن لا يرى إلا هو فيذكره دائما.

والثالثة أن يكون قليل الكلام ، لأنه كلما بعد عن غير الله وتقرب إليه وقبل من تجلياته تاه في جلال عظمته، فلا يبقى له نطق ليخبر عن الغير في ذلك العالم.

والرابعة أن يكون صاحب الإيثار، لأنه لما رأى الحق مُتَجَلِّيّا عليه بأنواع النعم من العلم والمعرفة والحال وغير ذلك ، فيختار الاتصاف بصفات الحق الأعظم، وهي الوهاب والمعطي والنافع وغير ذلك، فيعطي كُلَّ من وصل إليه صورة ومعنى، ويؤثره على نفسه.

والخامسة أن لا يردّ من توجه إليه في أي حاجة كان لأنه لما صار عالمًا بالله تعالى وبالأكوان، فيعلم بعض الخلائق محل لطفه وبعضها محلّ لقهره وهو المتجلي على الكل فلا يردّ أحدًا، لأنهم بمثابة الآلة ، والفاعل الحقيقي هو الله تعالى.

والسادسة، أن يكون كثير الأسفار لأنه ينتقل في كل ساعة من حال إلى حال ، ومن مقام إلى مقام ، فيختار السفر في عالم الشهادة مطابقة بين الصورة والمعنى.

والسابعة، أن لا يختار أحدًا على أحد إلا بنظر العقل ، بل عنده جميع الخلائق في درجة واحدة بالنسبة إلى الوحدة، يطيع الكل الله فيما يأمرونه وينتهي عن كل ما ينهونه، ولا يكون نظره حظ نفسه، ولا على حظ نفس غيره، وتكون طاعته للخالق لا للمخلوق.

وأما السبع التي في الباطن، فأولها أن يكون صاحب الكشف والمشاهدة والحال؛ والثانية، أن يكون مُؤَثْرًا في نفس كل من آتاه بحيث لا يمكنه الرجوع إلى ما كان عليه حالة المجيء؛ والثالثة أن يكون صاحب البيان في الحقائق الذوقية، والرابعة أن يكون ظاهر الذات بمعنى أنه لا يقبل تأثير ذات شيء من المخلوقات، ظاهر الصفات بمعنى أن يكون مُتَّصَفًا بصفات الحق لا غير، أعني العلم والقدرة والإرادة والإحاطة وغيرها؛ والخامسة، أن يكون دائم التوجه إلى الله تعالى؛ والسادسة أن يكون موحدا في كل حال علمًا وعيانا، ظاهرًا وباطنا؛ والسابعة أن يكون متصرفًا في البواطن والظواهر فمن اتصف بهذه الصفات يكون فقيرًا تامًا في فقره كاملا في سلوكه، صادقا في قوله وفعله.